نشاط الغدة الدرقية

تعتبر حالة فرط نشاط الدرقية أحد المشاكل التي يُعاني منها العديد من الأشخاص، ومن المطمئن أنه يمكن السيطرة على الحالة ومنع حدوث مضاعفاتها، فما هي أسبابها؟ وكيف يتم علاجها؟

ما هو نشاط الغدة الدرقية؟

نشاط الغدّة الدرقية أو ما يعرف بفرط الغدّة الدرقية (Hyperthyroidism)، هو أحد الحالات التي تتمثل لزيادة إفراز الغدّة الدرقية لهرموناتها، والغدّة الدرقية هي غُدة صغيرة الحجم تتميّز بشكلها المُشابه لشكل الفراشة، وتقع في العنق تحديداً أمام القصبة الهوائية مباشرة.

ما أسباب نشاط الغدة الدرقية؟

هناك مجموعة من الأسباب المحتملة لفرط نشاط الغدّة الدرقية، ومنها:

• مرض غريفز: (Grave’s disease)، ويُعد أحد أكثر الأسباب شيوعاً لفرط نشاط الغدة الدرقية، وهو من أمراض المناعة الذاتية التي يهاجم فيها الجهاز المناعي للجسم الغدة الدرقية؛ مما يتسبب بإنتاج كميات كبيرة من هرمونات الغدّة الدرقية.
• عقيدات الغدّة الدرقية مفرطة النشاط: (Overactive thyroid nodules)، وهي عبارة عن كتل موجودة في الغدّة الدرقية، وتُعد شائعة جداً وغالباً ما تكون حميدة أي أنها غير سرطانية، وفي بعض الحالات يُمكن أن تصبح أحد العقيدات أو أكثر مفرطة النشاط وتنتج الكثير من هرمون الغدة الدرقية.
• التهاب الغدّة الدرقية: والذي يُشير إلى حدوث التهاب أو انتفاخ في الغدّة الدرقية نتيجة الإصابة بعدوى أو وجود مشكلة في الجهاز المناعي للشخص، الأمر الذي قد يؤدي إلى تسرب الهرمونات من الغدّة الدرقية، وبالتالي زيادة معدل الهرمونات في الجسم عن المستوى الطبيعي، وعادةً ما تحدث هذه الحالة عند السيدات بعد الولادة، أو نتيجة تناول بعض الأدوية، مثل: الإنترفيرون (Interferon)، أو الأميودارون (Amiodarone).
• الاستخدام المفرط لعنصر اليود: وقد يحدث ذلك من خلال الإكثار من الأطعمة المُدعمة باليود، أو الأدوية التي تحتوي على اليود، إذ قد يؤدي ذلك إلى تحفيز الغدة الدرقية لإنتاج المزيد من هرموناتها، حيثُ يُعد اليود أحد العناصر التي تستخدمها الغدّة الدرقية لإنتاج الهرمونات، كما قد يحدث فرط نشاط الدرقية نتيجة الخضوع للفحوصات التصويرية التي تتضمن إعطاء صبغة تحتوي على اليود عن طريق الوريد.

الفئات الأكثر عرضة لحدوث نشاط الغدة الدرقية

هناك مجموعة من الفئات التي تعد أكثر عرضة للإصابة بفرط الغدّة الدرقية، ومنها ما يأتي:

• الجنس الأنثوي.
• الأشخاص اللذين تجاوزت أعمارهم 60 عامًا.
• السيدات الحوامل.
• الأشخاص الذين يعانون من أمراض مناعية، مثل: مرض السكري من النوع الأول.
• وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض الغدّة الدرقية أو الأمراض المناعية بشكلٍ عام.
• وجود تاريخ مرضي شخصي للإصابة بأمراض الغدّة الدرقية، مثل: مرض تضخم الغدّة الدرقية، أو تاريخ جراحي يتضمن الخضوع لعملية جراحية في الغدّة الدرقية.

أعراض نشاط الغدة الدرقية

ينتج عن الإصابة بفرط نشاط الغدّة الدرقية العديد من الأعراض والعلامات، والتي نذكر منها ما يلي:

• فقدان الوزن بشكلٍ غير مبرر، والذي قد يحدث حتى دون إجراء أي تغيير على النظام الغذائي المُتبع، أو حتى مع تناول كميات كبيرة من الطعام.
• تسارع في ضربات القلب، بحيث تبلغ أكثر من 100 نبضة في الدقيقة.
• عدم انتظام ضربات القلب.
• خفقان في القلب.
• زيادة الشهية.
• العصبية، والقلق، والهيجان.
• رعشة خفيفة في اليدين والأصابع.
• التعرق الشديد.
• اضطرابات الدورة الشهرية.
• زيادة الحساسية للحرارة.
• تغيرات على حركة الأمعاء، مثل زيادة عدد مرات تكرار حركات الأمعاء.
• ظهور انتفاخ في قاعدة العنق نتيجة تضخم الغدة الدرقية
• الشعور بالتعب وضعف العضلات.
• صعوبة النوم.
• ترقق الجلد.
• شعر خفيف وهش.
• مشاكل العين، والتي قد تتمثل بانتفاخ الأنسجة، والعضلات، والدهون، في التجويف الموجود خلف العين، مما ينتج عنه جحوظ العين، وعادةً ما يرتبط ذلك بمرض غريفز.

كيف يتم تشخيص نشاط الغدة الدرقية؟

يقوم الطبيب المشرف على الحالة بتوجيه أسئلة للمريض عن التاريخ الطبي، وإجراء فحص سريري يتضمن البحث عن الأعراض، كما قد يُقوم بإجراء العديد من الفحوصات للتأكد من الإصابة بفرط الغدّة الدرقية، ومنها:

• فحص الدم: يستخدم للكشف عن مستويات هرمونات الغدّة الدرقية، والهرمون المنشط للغدَة الدرقيّة (TSH) في الدم.
• فحص الغدّة الدرقية: يتم هذا الفحص عن طريق حقن كمية صغيرة من اليود المشع في مجرى الدم، وبالتالي تقوم الغدّة الدرقية بامتصاصه، وبعد ذلك يتم تصوير الغدّة الدرقية للكشف عن أماكن تواجد العقيدات أو غيرها في حال وجدت.
• فحص السونار: أو التصوير بالموجات الصوتيّة (Ultrasound)، وهو إحدى التقنيات التي تعتمد على استخدام الموجات الصوتية لإنشاء صورة عن الغدّة الدرقية.
• اختبار امتصاص اليود المشعِّ: (Radioactive iodine uptake)، والذي يعتمد على إعطاء كمية قليلة من اليود المشع عن طريق الفم، ومن ثم قياس كمية اليود الممتص من قِبل الغدّة الدرقية باستخدام أداة تسمى مسبار جاما (Gamma probe)، وفي حال ظهر أنّ معدل امتصاص الغدّة الدرقية لليود مرتفع فمن المحتمل أن يكون الشخص مصاباً بمرض غريفز، أو عقيدات الغدّة الدرقية.

علاج نشاط الغدة الدرقية

يعتمد اختيار العلاج المناسب للتغلب على مشاكل الغدّة الدرقية على عوامل مختلفة، مثل: عمر المريض، ونوع فرط نشاط الغدة الدرقية الذي يعاني منه، وشدة الحالة، بالإضافة إلى الحالات الطبية الأخرى التي يُعاني منها الشخص، ويؤخذ بالاعتبار أيضاً تفضيلات المريض، وتتضمن الطرق المستخدمة للعلاج ما يلي:

• الأدوية المضادة للغدّة الدرقية: (Antithyroid drugs)، والتي تُساعد على تثبيط نشاط الغدّة الدرقية لإفراز الهرمونات، دون إحداث ضرر دائم في الغدّة الدرقية، حيث يمكن التوقف عن العلاج والتعافي التام بعد 12 إلى 18 شهراً من تلقي العلاج، ومن الأمثلة عليها: ميثيمازول (Methimazole)، أو بروبيل ثيوراسيل (Propylthiouracil).
• اليود المشع: (Radioactive Iodine)، وهو عبارة عن دواء يتم تناوله مرة واحدة، حيثُ يتم امتصاصه من قبل الغدة الدرقية، ويقوم مبدأ عمله على تدمير معظم أو جميع أنسجة الغدة الدرقية، دون أن يُسبب أي ضرر بأجزاء أخرى من الجسم.
• حاصرات مستقبلات بيتا: (Beta blockers)، بشكلٍ عام لا تُساعد هذه الأدوية على علاج فرط نشاط الغدّة الدرقية بحد ذاته، ولكن من شأنها التخفيف من الأعراض الناتجة إلى حين بدء مفعول العلاج المستخدم، فمضادات مستقبلات بيتا تعمل خلال ساعة من تناولها.
• الجراحة: يتم استئصال الغدة الدرقية بالكامل أو الجزء المُتأثر من الغدّة الدرقية لدى الأشخاص اللذين لم يُظهروا أي نوع من أنواع الاستجابة للعلاجات السابق، وقد يتضمن ذلك: السيدات الحوامل والأشخاص المصابون بسرطان الغدّة الدرقية، أو أولئك الذين لا يسمح وضعهم الصحي بتحمّل العلاجات الأخرى.

دواعي مراجعة الطبيب

تجب مراجعة الطبيب في حال ظهور أي من أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية، كما يجب مراجعة الطوارئ على الفور في حال المُعاناة من أي من الأعراض التالية:

• حدوث تغيير في مستوى وعي وإدراك الشخص.
• الدوخة.
• عدم انتظام ضربات القلب.

كما يجب مراجعة الطبيب عند ظهور أي من الأعراض التالية أثناء تلقي علاج فرط نشاط الغدة الدرقية:

• الاكتئاب.
• الخمول العقلي والجسدي.
• زيادة الوزن.