صحة عامة

الأمراض المنقولة عبر الطعام: دليل شامل للوقاية والحماية

الأمراض المنقولة عبر الطعام

مقدمة

تُعد الأمراض المنقولة عبر الطعام (Foodborne Illnesses)، والتي يشار إليها أحيانًا باسم التسمم الغذائي، تحديًا عالميًا للصحة العامة. تحدث هذه الأمراض نتيجة استهلاك الأطعمة أو المشروبات الملوثة بالكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض (مثل البكتيريا، والفيروسات، والطفيليات) أو السموم التي تنتجها. تتراوح الأعراض من الانزعاج الخفيف إلى الحالات التي قد تهدد الحياة، مما يجعل فهم أسبابها وطرق الوقاية منها أمرًا حيويًا.

ما هي الأمراض المنقولة عبر الطعام؟

هي مجموعة من الأمراض التي تصيب الإنسان نتيجة تناول طعام أو ماء ملوث. يحدث التلوث في أي مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد الغذائي، بدءًا من الإنتاج في المزرعة وحتى الإعداد والاستهلاك في المنزل أو المطعم. يمكن تصنيف الملوثات الرئيسية إلى ثلاثة أنواع:

1. الملوثات البيولوجية (الأكثر شيوعاً)

هذه هي الكائنات الحية الدقيقة التي تسبب العدوى أو تنتج سمومًا ضارة:

  • البكتيريا: مثل السالمونيلا (Salmonella)، والإشريكية القولونية (E. coli)، والمطثية الوشيقية (Clostridium botulinum)، والعطيفة (Campylobacter)، والليستيريا (Listeria). تُعد السالمونيلا والإشريكية القولونية من أشهر المسببات للتفشي الواسع.

  • الفيروسات: مثل نوروفيروس (Norovirus) و فيروس التهاب الكبد A (Hepatitis A). تنتقل هذه الفيروسات عادةً عن طريق التعامل مع الطعام بأيدي غير نظيفة.

    إقرأ أيضا:علاج سريع للزكام: نصائح ووصفات طبيعية
  • الطفيليات: مثل جيارديا (Giardia) والتوكسوبلازما (Toxoplasma). غالبًا ما ترتبط بالمياه غير المعالجة أو اللحوم غير المطبوخة جيدًا.

2. الملوثات الكيميائية

تشمل المواد الكيميائية السامة التي قد تتسرب إلى الطعام:

  • السموم الطبيعية: مثل سموم الفطريات (Mycotoxins) أو السموم الموجودة في أنواع معينة من الفطر أو الأسماك (مثل سم السيجواتيرا).

  • المواد الكيميائية الزراعية: بقايا المبيدات الحشرية أو الأسمدة.

  • المعادن الثقيلة: مثل الرصاص أو الزئبق (خاصة في بعض أنواع الأسماك).

3. الملوثات الفيزيائية

هي أجسام غريبة قد تدخل الطعام وتسبب إصابة جسدية:

  • قطع الزجاج، البلاستيك، المعدن، أو الشعر.

الأعراض الشائعة للتسمم الغذائي

تظهر الأعراض عادةً بعد ساعات أو أيام من تناول الطعام الملوث، وتعتمد حدتها ونوعها على الملوث المسبب. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:

  • اضطرابات هضمية: الغثيان، والقيء، والإسهال المائي أو الدموي، وآلام وتقلصات في البطن.

  • الحمى والقشعريرة: ارتفاع درجة حرارة الجسم.

    إقرأ أيضا:أعراض غيبوبة الكبد: العلامات الخطيرة التي لا يجب تجاهلها
  • الجفاف: الناتج عن القيء والإسهال المستمرين.

  • أعراض عصبية (أقل شيوعًا): مثل الرؤية المزدوجة أو صعوبة في البلع أو الشلل، خاصة في حالات التسمم الوشيقي (Botulism) الخطيرة.

ملاحظة: تستمر معظم حالات التسمم الغذائي من يوم إلى عشرة أيام، لكن بعض الملوثات مثل الليستيريا قد تكون خطيرة بشكل خاص على الفئات المعرضة للخطر مثل الحوامل، وكبار السن، والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.

طرق انتقال التلوث إلى الطعام (سلسلة التلوث)

يحدث تلوث الطعام نتيجة لواحد أو أكثر من الأسباب التالية:

  1. التلوث المتبادل (Cross-Contamination): وهو نقل الكائنات الحية الدقيقة الضارة من طعام نيئ (مثل الدواجن أو اللحوم) إلى طعام جاهز للأكل (مثل الخضروات المقطعة) أو إلى الأسطح والأدوات.

  2. درجات الحرارة غير الآمنة: ترك الطعام القابل للتلف (Meat, Dairy, Eggs) في “منطقة الخطر الحرجة” (التي تتراوح بين $5^{\circ}C$ و $60^{\circ}C$) لفترة طويلة، مما يسمح للبكتيريا بالتكاثر بسرعة.

  3. النظافة الشخصية السيئة: عدم غسل اليدين بشكل صحيح بعد استخدام المرحاض أو لمس الأطعمة النيئة، مما ينقل الجراثيم إلى الطعام.

    إقرأ أيضا:أعراض غيبوبة الكبد: العلامات الخطيرة التي لا يجب تجاهلها
  4. المصادر الملوثة: استخدام مياه ملوثة في الري أو التحضير، أو تناول منتجات حيوانية مريضة.

  5. التخزين والتبريد غير الصحيحين: عدم تبريد أو تجميد الأطعمة بشكل كافٍ ومناسب.

اقرأ ايضا : هل الملح الوردي فعلاً أكثر فائدة من ملح الطعام العادي؟

معايير أساسية للوقاية من الأمراض المنقولة عبر الطعام

تعتمد الوقاية على تطبيق مبادئ سلامة الأغذية الأربعة الرئيسية المعروفة عالميًا:

1. النظافة (Clean)

  • غسل اليدين: غسل اليدين بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية قبل وأثناء وبعد تحضير الطعام، وقبل تناول الطعام، وبعد استخدام المرحاض.

  • غسل الأسطح والمعدات: تنظيف وتعقيم الألواح وأدوات المطبخ والأسطح المستخدمة في التحضير جيدًا.

  • غسل المنتجات: غسل الفواكه والخضروات الطازجة تحت الماء الجاري، حتى تلك التي سيتم تقشيرها.

2. الفصل (Separate) – منع التلوث المتبادل

  • فصل النيء عن المطبوخ: استخدام ألواح تقطيع وأدوات منفصلة للحوم النيئة والدواجن والأسماك والمأكولات البحرية، وللأطعمة الجاهزة للأكل أو الخضروات.

  • التخزين الآمن: تخزين اللحوم النيئة والدواجن في أوعية محكمة الإغلاق وفي الرفوف السفلية للثلاجة لمنع تسرب السوائل إلى الأطعمة الأخرى.

3. الطهي (Cook)

  • الوصول إلى درجة الحرارة الآمنة: طهي الطعام لدرجات حرارة داخلية آمنة للقضاء على الكائنات الحية الدقيقة الضارة. يجب استخدام مقياس حرارة الغذاء للتأكد، فعلى سبيل المثال:

    • الدواجن (دجاج، ديك رومي): $74^{\circ}C$.

    • اللحوم المفرومة (لحم البقر، لحم العجل): $71^{\circ}C$.

    • بقية اللحوم الحمراء (الشرائح): $63^{\circ}C$ (مع فترة راحة لمدة 3 دقائق).

  • تسخين بقايا الطعام: إعادة تسخين بقايا الطعام إلى درجة $74^{\circ}C$.

4. التبريد (Chill)

  • التبريد السريع: تبريد الأطعمة القابلة للتلف والأطعمة المتبقية في غضون ساعتين من الطهي (أو ساعة واحدة إذا كانت درجة الحرارة المحيطة أعلى من $32^{\circ}C$).

  • الحفاظ على درجة حرارة الثلاجة: يجب أن تكون درجة حرارة الثلاجة عند $4^{\circ}C$ أو أقل، والمجمد عند $-18^{\circ}C$ أو أقل.

  • إذابة الثلج بأمان: إذابة الأطعمة المجمدة في الثلاجة، أو في الميكروويف، أو تحت الماء البارد الجاري. لا تترك الأطعمة لإذابة الثلج على طاولة المطبخ.

متى يجب طلب المساعدة الطبية؟

بينما تتعافى معظم حالات التسمم الغذائي من تلقاء نفسها، يجب طلب العناية الطبية الفورية في الحالات التالية:

  • الحمى الشديدة (أكثر من $38.9^{\circ}C$).

  • الإسهال الذي يستمر لأكثر من ثلاثة أيام.

  • الجفاف الشديد (قلة التبول أو الدوخة الشديدة).

  • القيء المتكرر الذي يمنع الاحتفاظ بالسوائل.

  • وجود دم في البراز.

  • أي أعراض عصبية مثل عدم وضوح الرؤية، أو تنمل، أو صعوبة في الحركة.

الخلاصة

تُعد الأمراض المنقولة عبر الطعام مصدر قلق حقيقي، لكنها في الغالب قابلة للمنع. إن الوعي بالمخاطر وتطبيق عادات سلامة الأغذية البسيطة والفعالة (النظافة، الفصل، الطهي، والتبريد) هي خط الدفاع الأول والأكثر أهمية لحماية صحة الفرد والأسرة والمجتمع من مخاطر التسمم الغذائي.

يضم موقعنا فريقًا من الأطباء المتخصصين في مختلف المجالات الطبية، الذين يعملون على تقديم محتوى موثوق ودقيق يستند إلى الأبحاث العلمية والممارسات الطبية المعترف بها عالميًا. يتم مراجعة كل مقال طبي من قبل أطباء مختصين لضمان جودته وملاءمته. طاقمنا يشمل أطباء في الطب العام، الجراحة، الأمراض المزمنة، وغيرها من التخصصات، لضمان تقديم أفضل النصائح الصحية لزوارنا.

السابق
الدهون الثلاثية: متى تصبح خطيرة؟
التالي
المغنيسيوم للرجال: سرّ القوة والطاقة والصحة الجنسية